يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 4 أكتوبر 2015

مقال حول " الإنسان والإنسانية "

 الإنسان والإنسانية





خلق الله عزّوجل الإنسان من تراب وقدر له أن يعيش على التراب ويدفن بعد موته تحت التراب
إذاً “من ,على, وتحت” التراب
تلك هي الروابط الثابتة التي تجمع الجنس البشري من مشارق الأرض إلى مغاربها
فالإنسان يبقى إنسانا مهما كان لونه أو دينه أو جنسه أو نسبه أو انتمائه
كما أن طبيعة وآدمية الإنسان كافية كل الكفاية لتوحد مختلف أجناس العالم على مبادئ أساسية تخدم مصلحة البشر ككل وتتمثل في الحقوق الأساسية للإنسان كحق الحياة وحفظ العزّة والكرامة والسلام والعدل … مبادئ وجد الإنسان أنه لابد من التمتع بها ليضمن لنفسه حياة طبيعية مع أن القرآن الكريم حددها ونظمها قبل أربعة عشر قرنا من الآن
أما عن الإنسانية فهي في نظري عاطفة فطرية تولد مع كل إنسان ولها في قلب كل فرد مستوى ومقدار متفاوف
وهي ذاك الإحساس بالغيرة حين تنتهك حرمة الإنسان ويتعرض للإهانة أويُحرم حقا من حقوقه التي لابد منها كالحياة والحرية
هي تللك النخوة والإنتفاضة التي تنبع من القلب نحو التضامن مع المظلومين والمقهورين في العالم
هي إحساس بالإنتماء الآدمي والميول الجنسي البشري
هي تبادل عاطفي مابين الحر الطليق والأسير المستعبد ومابين الحي ذو الكرامة و المهدد بالموت تحت أقدام الظالم
ومنه فالمتفق عليه أنها فطرة سليمة إيجابية تُخالف وتُعادي كل مايُهين كرامة الإنسان وعزته ويهدد أمنه وحياته
لكن هل صار العالم اليوم يتمتع بإنسانية تؤهله للتفكير في حل يخدم الإنسان كإنسان وفقط ؟
لنتابع الحالة التي يعيشها:
يعاني الإنسان العربي يوميا جرائم عديدة في حق الإنسانية ,سوريا وأطفالها ونساءها بل وشعبها الذي لشُرد وقُتل تحت شعارات مُزيفة وحسابات سياسية قذرة
الدواعش ومايقومون به في بلاد الشام من قتل همجي وسفك وإعتداء لاإنساني تحت شعارات دينية تحملها أياد إرهابية
بروما ومسلموها الأبرياء
الصومال والمجاعة التي صارت حكما أبديا في حق الضعفاء
إفريقيا الجنوبية والفقر والقهر
أناس لاتملك لقمةً للعيش
ألاف يموتون يوميا لافتقارهم الدواء والعلاج وغنى أجسادهم بالأوبئة والأمراض
تمييزً عنصري وعرقي في أوروبا
حروب أهلية وطائفية تودي بالجنس الآدمي إلى الهلاك وتشكل أنهارا من الدماء
أين الإنسانية ؟؟
إن الأفكار باختلافها والأديان والمذاهب بتعددها أجمعت واتفقت على أن الإنسان خُلق مكرما عن سائر المخلوقات
فهل يعقل أن يهين الإنسان نفسه ويمس بكرامة غيره من البشر ؟
صار هذا للأسف واقعا مريرا حين جُعلت الحسابات المادية قضية الساعة والشغل الشاغل للإنسان
فكيف لاتتألم قلوب ترى طفلاً تفوح منه رائحة البراءة من كل صوب يموت برداً وجوعا وعوزا !!
كيف يسمى لاجئا ومنكوبا وهو لم يبلغ سن الحلم ؟!
وهل يلجأ الإنسان إلى الإنسان وكلاهما من نفس الجنس؟!
كيف ينظر الأخ لأخيه باحتقار واستصغار بمجرد إختلافه عنه من حيث الإنتماء واللون والمستوى المعيشي ؟!
أسئلة كثيرة لن يجيب عليها إلا الواقع المُاعش
أين الإنسانية؟ التي يتغنى بها الإنسان قولا ولايجسد معانيها فعلا
أم أنها دُفنت تحت أنقاذ عصر المحبة والعيش الكريم
الذي وَّلى وانقضى دون رجعة
وخلفه عصر العولمة والسرعة عصرٌ جاف من المعنويات وغني بالماديات
فقد الإنسان إنسانيته حين اتبع هواه وسيطرت عليه الأنانية ,التعجرف ,المصلحة الفردية ,الطمع, مات قلبه ونسي روابط الوجود وأصله الترابي.
وتجرد من إنسانيته التي لم تصبح سوى لفظاً ينتج عن الحركة اللسان فقط, بعيدا كل البعد عن الفهم والإحساس بها والعيش تحت فطرتها.

نــــشــــر في: 
جريدة أخبار الشباب المصرية 
صحيفة الفكر 

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

تطوير : مدونة محترف المال