يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

مقال: "ليكن بلاغ أحدكم في الدنيا كزاد الراكب"

ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب (حديث شريف)

 بقلــــم: بشيــــرباي محمــد أميــــــن










حديثٌ حَدّّثه الرسول صلى الله عليه وسلم. رواه العديد من رواة الحديث، لكني إخترت القصة المؤثرة التي جاء في سياقها نص هذا الحديث الشريف،
هي جلسة جمعت سيدنا عمر ابن الخطاب وأخيه أبا الدرداء ،حين قصد أمير المؤمنين الشام متفقدا أحوالها. 
وفي ليلة الزيارة قصد بيتَ صاحبه، فوجده يحيا في بساطةٍ وتواضعٍ شديد وزهدٍ مابعده زهد. 

وهاهي القصة كما وردت :"ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﻡ، ﻗﺪﻡ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻤﺮ ﻣﺘﻔﻘﺪﺍً ﺃﺣﻮﺍله، ﻓﺰﺍﺭ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻟﻴﻼً، ﻓﺪﻓﻊ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﺑﻐﻴﺮ ﻏﻠﻖ، ﻓﺪخل ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻣﻈﻠﻢ ﻻ ﺿﻮﺀ ﻓﻴﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ حسه ﻗﺎﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺭﺣّﺐ ﺑﻪ ﻭﺃﺟﻠﺴﻪ، ﻭﺃﺧﺬ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﻳﺘﻨﺎﻭﺑﺎﻥ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ، ﻭﺍﻟﻈﻼﻡ ﻳﺤﺠﺐ ﻛﻼً ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻦ عيني ﺻﺎﺣﺒﻪ . فجس عمر وساد أبي الدرداء ،فإذا هو بردعة وجس فراشه ،فإذا هو حصى وجس دثاره أي لحافه ،إذا هو كساء رقيق لايفعل شيئا في برد الشام. 
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﻤﺮ :ﺭﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ يا أبا الدرداء، ﺃﻟﻢ ﺃﻭﺳِّﻊْ ﻋﻠﻴﻚ؟ ﺃﻟﻢ ﺃﺑﻌﺚ ﻟﻚ؟ 
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ: ﺃﺗﺬﻛﺮ ﻳﺎ ﻋﻤﺮ، ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
 ﻗﺎﻝ عمر: ﻭﻣﺎ ﻫﻮ؟.
ﻗﺎﻝ : ﺃﻟﻢ ﻳﻘﻞ: ((ﻟِﻴَﻜُﻦ ﺑَﻼﻍُ ﺃَﺣَﺪِﻛِﻢ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺪُﻧﻴَﺎ ﻛَﺰَﺍﺩِ ﺍﻟﺮَﺍﻛِﺐ))
ﻗﺎﻝ: ﺑﻠﻰ . 
ﻗﺎﻝ: ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﺑﻌﺪﻩ ﻳﺎ ﻋﻤﺮ؟!
ﻓﺒﻜﻰ ﻋﻤﺮ، ﻭﺑﻜﻰ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺪﺭﺩﺍﺀ. ومزال يتجاوبان البكاء والنحيب حتى طلع عليهما الفجر"

اللَهُ أَكبَر
أسألكم بالله العظيم
هل حافظنا على هذا المقدار ،المُحدَدِ 'بزاد الراكب'؟ وكم مِنَا تَجَاوزه ؟
الحَقيقةُ المُرَة : تفتحت الدنيا علينا وتوسعت، فصرنا نَلبس خير الثياب وأغلاها ،ونتزود بما طاب لنا من طعام ومأكل ،تطاولنا في البنيان ،وبالغنا في عديد من الأمور الدنيوية، التي أنستنا الموت والآخرة ،وتناسينا هذا الحديث الشريف.
فِعلا قَد أَمَلنا الأمَل البَعيد ،ولبسنا من كُل جَديد ،وأكَلنَا الثَريد ونَسَينَا الوَعيد.
فَصَدَقَ قائلٌ، قال : إن طول الأمل يُخلف سوء العمل.
نَأمَلُ دومًا بالعيش أكثر، والكسب الأوفر ،ولاندري إن كنا قَد نُصبح غدا وأو نُمسي بعد هذا الصباح.
فطوبى لِمن جَعل الدنيا معبرًا لدار الآخرة ،واتخذها كشجرة يَتَضَّلَلُ بها ريثما يَحين وقت الرحيل إلى دارِ الخُلد والبقاء. 

لم تكن الدنيا وشهواتها في نظر هذا الصحابي الجليل وغيره من الأخيار سوى طرفة عين، لاتستحق أن يجعل منها هدفا له، بل كان أبو الدرداء يَدفَعها عَنه بالراحتين والصدر مواصلا في زهده وعبادته.
رَوَت زوجة أبي الدرداء، أنه كان يزاول العبادة والتجارة فلم يجتمعا، فترك التجارة التي عُرف بها، وأخذ في العبادة.

إلى ماَنحتاج إذاً ؟
في اعتقادي الشخصي أننا بأمس الحاجة إلى إعادة النظر في ترتيب أولوياتِنا، إن كُنَا نُريدُ الدُنيا ومَتاعها ،فالنهايةُ معروفة، قبرٌ مظلم وقطعة قماشٍ رخيصة! وإن كُنا نبتغيّ ماعند الله من جناتٍ، فالواجبُ تَركُ الفانية والإجتهاد للفوز بالبَاقية.
وجَعلُ الدنيا معبر لدار المُستقر.
تَذكُر الموت والآخرة في كل لحظةٍ، سَيَرفَعُ ويُقَوي ويُجَدِدُ إيماننا الضعيف،
وسَيقضي حتمًا على طَبعِنا المَادي ويُنَبِهُنَا للجانب المعنوي والرُوحي.





  • نشر في

 صحيفة الفكر

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

تطوير : مدونة محترف المال