يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 19 سبتمبر 2015

مقال حول " عَلَمَتنِي الفِيزيَاء [الحركة الفكرية] "


عَلَمَتنِي الفِيزيَاء [الحركة الفكرية]





عَلَمَتنِي الفِيزياء أَنَ دِرَاسَةَ أي حَرَكَةٍ مِيكَانِيكِية لابد أن تستند إلى مرجعٍ ما يُعتبر ثابتاً مبدئياً
إلا أن الحركة الفكرية في الجزائر لاتستند لأي مرجعٍ كان !!
والسؤال المطروح بإلحاح هو: ألإفتقارنا للمراجع الفكرية أم أن المراجع المتوفرة ليست ثابتة بالقدر الكافي كي تُسند لها الحركة ؟

قد يعلق الفيزيائي ويرُدُ منتقدا على دراستنا هذه, بإعتبار أن الحركة الفكرية ليست بحركة ميكانيكية وبالتالي سيعجز أي مفكرٍ أو فيزيائي يحاول الخوض في غمار هذه الدراسة دون مرجع الميكانيك ؟!
رأي مقبول ومُحترم واقتراح وارد

لكن ياأخي إن الحركة الفكرية أهم وأولى من الحركة الميكانيكية
لأن أي فعل حركي يسبقه قرار فكري أو دراسة عقلية لما سَيُقدِم عليه الجسم من حركة ميكانيكية
ولايخفى على أحدٍ أن أول ماأمرنا به الله عزّ وجّل هو إصلاح وتشغيل الفكر والعقل, بدليل أول آية أنزلت على رسولنا صلى الله عليه وسلم هي "إقرأ"
فهي دعوة مباشرة للتفكير وطلب المعرفة والعلوم
هذا من جهة الأولوية. أما في مايخص كونها حركة ميكانيكية أم لا
فهذا في اعتقادي أمر ثانوي
زيادة على ذلك فالتفكير ناتج عن نشاط و حركة مستمرة لخلايا المخ وبالتالي تحضر قوانين الميكانيك الحركية دون شك
إذاً لاإشكال في طبيعة الحركة بل وإضافة إلى ذلك إكتشفنا أن الفكر أولى من غيره
وبالتالي يبقى السؤال أين مراجعنا ولما تُركت رأي عين ؟؟
أما من غيور على الحركة الفكرية والمراجع الجزائرية ؟!!
أما من سائل يسأل عن الفكر وثقافته في الجزائر ؟

إننا نملك زاداً معرفياً فكرياً ضخماً متنوعاً متفتحاً لكننا لاندركه ولانستغله ولانعي حتى قيمته
مالك بن نبي وفكره
الشيخ محمد الغزالي وفكره الديني
الثنائي البشير الإبراهيمي وابن باديس وإصلاحاتهما

أليس هؤلاء رمز الفكر التحرري الحضاري تحت كنف الدين ومصلحة الأمة !
أليسوا خير مرجعٍ نحتاجه لحركتنا التي حلّ عليها السكون الفيزيائي
الذي حددته قوانين العالم الفيزيائي نيوتن وذلك حين تساوت قوى المفكرين (قوة العمل) مع قوى العابثين والتابعين والجامدة عقولهم (قوة ردّ الفعل) !

ما العيب في مفكرينا ومشايخنا ومالذي ينقصهم ؟
العيب فينا لا فيهم
لأننا تناسيناهم عمداً وجهراً , فنسيَّنا العالم وقذف بنا إلى مؤخرة الأمم.
اتبعنا فكراً لايخدمنا إطلاقاً
اتبعنا عشوئياً ثقافةً مستوردة لاتتطابق مواصفاتها مع مانملك من مبادئ تكاد تختفي وفي غفلةٍ منا ومن مفكرينا الكُسالىـ

وما فكر مالك بن نبيّ إلا كنز معرفي ودليل توجيه يحتاج منا دراسة معمقة
لنقتني منه مانفتقر إليه
وما محمد الغزالي إلا نموذج الأخلاق العالية والنظرة المستقبلية وله من الكتب مايجب أن تُحفظ عن ظهر قلب فهي ثروة اعترف بها العالم الإسلامي ككل
والثنائي رمز العروبة والإسلام والإصلاح
لهم من الأقوال والحكم والإنجازات والكتب ماتبكي على تجاهلها القلوب قبل العيون
ومنه فإن المراجع موجودة وصحتها وثباتها لاجدل فيهم

أما الباقي فكيف نستند إليها وكيف نستغلها بتعددها ؟
في قوانين الفيزياء تعدد المراجع في آن واحد يجعل دراسة الحركة أكثر تشعباً وثراءً من حيث المعطيات والملاحظات ويُحدد هذا التنوع المرجعي مسار الحركة وسرعتها بدقة متناهية وبطبيعة الحال في مَعلمٍ معلوم
ولكن قد تعجز الفيزياء المعاصرة في توقع نتائج الحركة الفكرية التي لن تخضع في هذه الحالة للمنطق المطلق الذي ينص على أن الحركة تَنفعُ وتَخصُ المُتحرك دون غيره
لكن في حالة الحركات الفكرية فالواقع الإجتماعي سيثبت عجزاً ونقصاً لهذا المنطق الفيزيائي حيث أن انعكاسات الحركة الفكرية ليست حكراً على المفكر وحده إنما تلقي بثمارها على غيره من مدنيين عاديين وقع عليهم التفكير الصحيح
فتفتح ذهنهم وأدركوا نعمة العقل وتعلموا كيف يستعينوا بها

التفكير والتعليم ثنائي متكامل
إذا كان التعليم ضرورة فإن الدعوة إلى التفكير والثقافة ضرورة ملحة تحتاجها الأمة,  فساحاتنا صارت تضّج بالمتعلمين وخريجي الكليات الموظفيين لكنها بالمقابل تفتقر بشدة لفئة المفكرين والمثقفين !!
فأين نحن من قول حكيم الأمة أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه: "تفكر ساعة خير من عبادة ليلة"
الفكر والعلم في الجسم الفيزيائي

إن أي جسم فيزيائي ذو أبعاد وكتلة مهمة غير مهملة نعتبره في دراستنا هذه ( "المجتمع")
وبالتالي هو جسمٌ ذو قوة ثقلٍ تقابلها بالتوازي قوة ردّالفعل
ومنه فالعلم شعاع قوة ثقلٍ والفكر شعاع قوة ردِّ الفعل
وفي تساوي هذين الشعاعين من حيث الشدّة والطويلة توازنٌ للجسم,
ولاشك أن الفيزيائي أَعلُمُ أكثر من غيره بأهمية هذين الشعاعين في تمثيل أي حركةـ
إذاً نستنتج بطريقة علمية أن المجتمع يتركب فِطرياً وتلقائياً من فكرٍ وعلمٍ
لايجب فصلهما أو التفريط في أحدهما إِن أدرنا توازناً لمجتمعنا






نشر في :

صحيفة الفكر

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

تطوير : مدونة محترف المال