“سوق الثقافة”
-الشائع عندنا أن الجزائر في المجال الإقتصادي تُصدر المحروقات وتُعييد استيرادها بعد تكريرها وتصنيعها في دول الغرب المتطورة
لكن مؤخرا إكتشفنا أن صادرات الجزائر لاتقتصر على الذهب الأسود فقط إنما للثقافة نصيب في ذلك
حيث نقوم بتصيدر هذه الأخيرة إلى الخارج و بالطبع دون تغيير الوجهة فنحن أوفياء للغرب ثم نعيد استيرادها كعادتنا ثقافةً مصنعةً.
المعروف أن الثقافة مجموعة من العادات والتقاليد والأفكار والفنون التي تميز كل منطقة عن الأخرى, وتتأثر الثقافة تلقائيا بتاريخ المنطقة وطبيعة الدين المعتنق فيها.
يتم تصدير ثقافة بلادنا إلى الدول الغربية مروراً بمفتشية الجمارك الأجنبية التي تقوم بدورها في انتقاء الثقافات والأفكار المناسبة لكل بلد تُوَجَهُ إليه
تعبر ثقافتنا حاجز الجمارك بعد أن فقدت جزءاً من مقوماتها التي رأت الجمارك أنها مقومات رجعيّة لاتتماشى مع عصر العولمة
بعد وصول الثقافة الوطنية المجمركة إلى أراضي الدول الغربية
تقوم تلك الأخيرة بالمرحلة الأساسية ألا وهي التصنيع والتكرير
تصبح في نظرهم الثقافة الوطنية جثة مريضٍ يجب أن تخضع لعمليات جراحية عاجلة ,وذلك بدءاً باِستئصال كل ماهو ديني محض
بطبيعة الحال لأنه المبدأ الأساسي للعلمانيين
ثم تقوم بتعديلٍ معمقٍ لبعض الأفكار والعادات التي تجد أن لها بعد تاريخي أصيل حيث تنزع وبألف طريقة وطريقة كل قيمة حميدة في تلك الجثة التي لاحول ولاقوة لها
وماإن تنتهي من تجريدها من كل ماهو أصليٌ ووطنيٌ حتى تشرع في تزيينها بقوالب من ثقافتها الغربية المنحرفة
فتجعل الغزو الثقافي نُصب عينيها,
السراويل المتدلية وقصات الشعر الغريبة عنا تنشرها في مجتمعنا على أنها موضةٌ وتَحَضُّرٌ وماهي إلا عار وتخلف
وتزرعُ في تلك الجثة أفكار الحرية المطلقة فالتعري والتبرج حرية شخصية للمرأة
وهذا بالطبع باِحترافية وتفنن كبير فتسمي الأشياء والأفكار بغير أسماءها الأصلية لتزيدها جاذبيةً
وتدعم مشروعها الفاسد كل مرة بدعايةٍ إعلامية مشوقة عبر فضائياتها النتنة.
وهكذا تصبح ثقافتنا المسكينة التي لم تجد من ينصرها ويدافع عنها ويتمسك بها , من ثقافة عفةٍ وأصالة إلى ثقافة عريٍّ ودياثة
وبعد كل هذا التعديل والتغيير الجذري لثقافتنا
تُرسل إلينا في أبهى حلةٍ
على أنها في قمة التحضر والتقدم الإجتماعي والثقافي
يَستَلمُهَا شبابنا وشيبنا المخدرين بكل روح رياضية ويعتنقونها باِبتسامة الرِضى وكأن شيئا لم يتغير
ودون أن ينتبهوا أن كل شيء قد تغير !
أفٍ لحالنا وتباً لغفلتنا وسباتنا الطويل أما آن لنا أن نستفيق.
متى ندرك أن الثقافة الغربية المستوردة تأتينا معلبةً غنيةً بموادٍ حافظةٍ مُضِّرة أقل مايمكن أن تسببه لنا سرطان قاتل ومُشَوهٍ للهوية؟
وكيف نستهلكها وهي لاتحمل في علبتها لاتاريخ إنتاج ولاتاريخ إنتهاء للصلاحية.!!
فأي سخافة وغباء وتهاون هذا الذي نعيشه!!
أتمنى أن يأتي يوم نستقل فيه ثقافيا ونصبح أحرارا فكريا
فالتبعية الثقافية أشد خطرا من التبعية الإقتصادية فهي من تفتح أبواب الإستعمار (الغير المباشر) في باقي المجلات.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق