يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

مقال بعنوان "كلنا نتقدم ..."


كلنا نتقدم ...





- الإنتشار الواسع لمصطلحي ‘العالم المتخلف‘ و‘العالم المتقدم‘ جعل الكثير يظن أن هذا التقسيم قدرٌ وقضاء وحكمٌ ثابتٌ لايقبل النقد أوالطعن؛ وهو أمر غير معقول بتاتاً خاصة مع ظهور مايسمى بالإنفتاح الفكري والتبادل الثقافي.
دعونا نتعرف على أسباب هذا التقسيم الذي أعتبره شخصيا بمثابة الحُكمِ الجائر الذي صدر دون جلسة قضائية:
✓ إحتكار أحدث التكنولوجيا الحديثة
✓ إمتلاك مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة (على رأسها المفاعلات النووية)
✓ بسط السيطرة على منظمات وحركات تحمل طابع عالمي (وإستغلالها في غير محلها)

أعلم أن البعض قد يعتبرني جننت ؛إن كنت فعلا أعتبر. هاذه العناصر ‘‘أسباباً‘‘ بدل أن أسميها ب‘‘المؤشرات‘‘ (مصطلح حديث) التي تقاس بها الدول والأمم … لكن اليوم وفي هذا المقال سأخرج عن المؤلوف عدة مرات …
وسبب تسميتي تلك الرؤس بمسمى الأسباب لم يكن عبثا إنما له دافع أعتبره قويا؛ ستفهم عزيزي القارئ بعد تقديم بعض التفاصيل.

قد يجهل الكثير أن الدول التي تسمي نفسها حاليا “متقدمة” و”حضارية” هي في نفس الوقت دول إستعمارية وإنتهازية وظالمة لاتملك من التحضر شيئا سوى الإسم؛ خاصة تلك التي تعرف بالدول الإمبريالية والعلمانية.
الدليل:
معظمها دول إستعمارية بَنَت حضارتها
على أنقاذ دول مستضعفة ؛وطَلَت جُدران شوارعها بدماء الأبرياء؛ واستنزفت ثروات طبيعية كبيرة أقل مايمكن القول عنها أنها كانت كافية لتحسن أوضاع تلك البلدان المستغلة بصورة ملحوظة وإخراجها من حفرة اللاأمن واللاإستقرار إلى بر الأمن والعيش الحر والكريم .
والأمثلة واضحة وضوح الشمس في محياها لاتحتاج لا لدراسة تاريخية معمقة ولا لتحري إقتصادي:
_ فرنسا وما اقترفته في الجزائر
_ أمريكا وماجنته من العراق
_ إيطاليا وهيمنتها على ليبيا
_ فرنسا ومستعمراتها في وسط القارة الإفريقية
_ ألمانيا ومستعمراتها الإفريقية كالطوغو والكاميرون وتنزانيا. ـ ـ ـ
_ بريطانيا وإحتلالها الكامل للهند وبروما وماليزيا
_ هولندا ومستعمراتها في الصين الصينية الشرقية
_ الولايات المتحدة وإحتلالها للفلبين ….
والقائمة طويلة…
دول تستغل دولا أخرى !
تتطور الأولى وتزدهر إستنادا على مانهبته وسرقته من ثروات وخيرات تخص الثانية ؛ ثم تَدَعي التحضر أهذا يعقل ؟!
ثم تنسب للثانية التخلف والرجعية !؟
تباً لهذا المنطق…
هل عرفتم الآن لماذا سَمَيتُ المؤشرات (المصطلح الحديث) بالأسباب؟
لأنه ماكان لتلك الدول المقرفة أن تعتلي صدارة الترتيب المزعوم إلا بعد أن داست على رؤوس الأبرياء
لتمتلك بعدها تلك المؤهلات باحتكار مطلق وتجعلها مؤشرات صعبة المنال.
وهي على علم تام أن دول الصنف الثاني لن تنتقل إلى المستوى الأعلى مهما حدث ؛فالمفتاح بحوزتها تلتقطه بإحكام.
وبالتوازي ساعدت تلك الشعوبُ (التي تعتبر الضحية) المُجرم المُستبد ليصبح نجماً بطلا بدل أن تحاسبه على فعلته !
بل وصارت ترجو منه الإحتلال ولو عن بعد؛ فللأسف الشديد الفترة الإستعمارية الطويلة أكسبتها داء العصر ألا وهو “تلذذ الإستعمار” والشعور بالنشوة والحنين له.
فبالله عليكم أي دليل سيقنع جيل اليوم أنه لايعيش في عالم مختلف!؟؟
بل فكره المتخلف هو من يفرض عليه الإختلاف والتخلف ؟
إّذن خلاصة القول أنه لايوجد عالم متخلف وعالم متقدم؛ بل يوجد عالم يعشق التقدم والسرعة ؛ولو على حساب القيم والأسس الأنسانية التي يناشد بها الملأ علنا ويخترقها سرا.
وعالم أخر يأبى الخروج من قوقعة التبعية ولايكلف نفسه السعي نحو التقدم خطوات نحو الأمام؛ ولايأمل في غد أفضل بل إعتاد الكسل وألف الذُل.
وإن القوة المعاصرة بكل مفاهيمها تتجلى في العناصر التي ذكرتها سالفاً (التكنولوجيا المعاصرة؛ السلاح الفتاك؛ المنظمات والحركات العالمية) ولاتخرج عن نطاقها مهما تغيرت وتفننت أساليب المراوغة وسياسات النفاق والغدر والمصالح الخاصة؛ التي تنتهجها تلك الدول المتطورة لإحكام القبضة؛ وتضيق الخناق على بعض الدول التي لامسها نسيم النشاط والحيوية ولو متأخرةً {فأن تصل متأخرا خير من أن لاتصل} وهذه البلدان تلقب حاليا ب(الدول السائرة في طريق النمو).
فعلى وأبرزها الهند والصين:
الهند: التي تصدرت مؤخرا ترتيب الدول المنتجة لبرامج الحاسوب، حيث عرفت قفزة عالمية في مجال البرمجة الإلكترونية .
فقر الهند من ناحية المواد الأولية الخام جعلها تجد حلاً بديل يخرجها من دائرة التخلف فــ” جهاز حاسوب وطاولة” فقط كانا كافيين ليجعلا الهند معادلة صعبة في مجال البرمجة، بالإضافة إلى الرغبة اللامتناهية في التقدم.
والصين: من الدول التي صار يحسب لها ألف حساب في الأسواق العالمية، بفضل قدرته العالية على تقليد أكثر منتوجات العالم تعقيدا وطرحها في السوق بأسعار منخفضة، أثارت ضجة في سوق الإقتصاد العالمي ,
ومن قلد اليوم أكيد سيبدع غدا.
ويبقى التخلف مصطلحا قاسيا يُقرَنُ ذكره بدول أغلبها عربية غنية بالثروات فقيرة الأفكار والعزائم
ترفض كل مرة الإستيقاظ من سباتها
ويستمر التقدم يوما بعد يوم ولكن هناك من يتقدم نحو الأمام ؛وهناك من يتقدم إلى الخلف.
وفي الأخير كلنا عالم متقدم.



نشر في:

جريدة أخبار الشباب المصرية

صحيفة -الفكر-

موقع مبادرة التجديد العربية (الأردن) 

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

تطوير : مدونة محترف المال