يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 9 يوليو 2015

مقال حول " المســـــــافة الإدارية "


المســـــــافة الإدارية


مِما لاجدل فيه أن مجتمعنا يعاني في الفترة الأخيرة إنتشارا واسِعًا لظاهرة خطيرة أَحببتُ تسميتها بظاهرة "المسافة الإدارية" وهي تلك الفجوة التي تَتَوسط الإدارة المسؤولة و رَعِيتهاـ فقد تعودنا للأسف الشديد على هذا البعد بين المسؤول والمواطن المَعني حتى صار أمرا عاديا, بل وأصبحت مشاكلُ الإدارة لاتعني شيئا للمواطن وكذا نفس الأمر بالنسبة لمشاكل الطرف الآخر، فلارأي له فيها ولادخل له في شؤونها. مِماَ يَحُد ويقضي على مفهوم الحوار والشورى ويَدفع الطرف الأضعف للتَطرِفِ والعِصيان. وبدليل الإضرابات المتكررة للطلبة الجامعيين هذا على سبيل مثالٍ بسيطٍ من حالات عديدةـ فلو تَعمّقنا في أسبابها, لَوجدنا أَنفُسنا أمام مشكلِ "المسافة الإدارية" لأن الإدارة لو اتخذت على عاتقها مسؤولية الإنصات للطلبة وإقحام أرائهم قبل اتخاذ كل قرار يخصهم لَم حدث ماحدث من سوء. ومما يَنجَّر أيضا عن تلك الفجوة شَل الحركة الإدارية وجعلها حركة فاشلة في نظر أي طالب أو مواطن بسيط بصفة عامة. فالأخذ بالرأي حكمة والإستماع لأفكار الآخرين دهاءٌ عالٍ خاصةً تلك التي تخرج من أفواه المُعايشين للواقع ،فالحكمة والدهاء قوتان تساعد كل إدارة للتحرك بعقلانية وتجعل المسؤول دائما على دراية تامة ِلم يحيط به و يحرزُ سداداً ملحوظاً في خطاه المستقبلية وهذا طبعًا لوفكر قليلا فقط. وبالعودة إلى ذاك البعد الإداري الذي تَكَون ونَشأ تحت كنف "الأنا" والمصلحة الشخصية وحب السلطة إلم أقل حب "التَسلُط" ربما رفع الكرسيُ اللَمَّاع المسؤول عن سطح الأرض قليلا فيما بقِي الرعية يسيح أسفله باحثا عن فرصة ومتنفس يُعرب فيهِما عن رأيه أو انشغاله . لكن بريقَ الكرسيِّ حال دون ذلك ووَسع الفارق بينهما وملأه حقدا وكرها متبادلا فلا الراعي أدرك قيمة المسؤولية الواقعة على عاتقه ولا الرعيّة فكرت في حلٍ بديل غير الشكاوي والإضرابات التي تُقام أحيانا لأتفه الأسباب فالمبادرة لحل إشكالٍ ما عجزت عنه الإدارة أوتَجاهلته عمدا دون الشكوى والتشاؤم , هو إبداعٌ وفكر تحضرٍ يجهله الكثير من الكسالى والمتواكلين وبالمقابل لو أدرك الراعي أن كل فردٍ تحت مسؤوليته سَيُحاسب عليه إن خَدمَه أم لا ؟, إن قام بواجبه إتجاهه أم لا؟ , حينها سيَجد نفسه مُخلصا وعادلا ومُتقنا وحافظًا لأمانة

تابع ولو فكرنا قليلا حول: من أَطَّرَ الإدارة وقَنَنَها ومن سَطّرَ برامجها ؟ أليس هوالإنسان ؟ والإنسان بِطَبعه خَطّاء فلم نتعجب حين تفشل إدارة ما في تسيير شؤونها ؟ بل حتى وَلو ظهر العِوَج والتهاون أبدًا لايجب عصيان المدير أو الحاكم. ولست هنا أُبَرِئُ المذنب إنما أريد تغيير فكرةٍ سيئة رَسخت في ذهن الكثير رُغم بُعدها كل البعد عن التَحضر, أَلاَ وهي رؤية المواطن للإداري كظالم جائر , و رؤية الإدارة للمواطن البسيط كلقمةٍ سهلة , تتلاعب بها كيف ماتشاء مادام مصيرها بِيَدها. لا, بل أريد أن أوضح أَنَ على المواطن البسيط أن يدفع الإدارة للتعلم منه. كيف ذلك ؟ عَلى الرَعية أَولا أن يرضخ للقانون الإداري كي لايقع في فخ إرهابيِيِّ الإدارة. وإن لاحظ تقصيرا او تمييزا سواء عنصري أو جنسي , فليَستَجند بمن حوله كشهود عيان ثم لِيجعل مكتب المدير وِجهته لتقديم شكواه باحترام ورزانة دون تعصبٍ ونرفزةٍ وكلام زائد قد ينقلب ضِّده وبالمختصر المفيد التحلي بـــ"الحكمة". هذا من جانب المواطن أما من جانب المسؤول فمن واجبه أن يُغير مَنظوره للمواطن, وأن يَتسم بالإنسانية وروح المسؤولية اتجاه البسطاء وأن يفكر في كل لحظة أن الرقيب سبحانه سَيُحاسبه حسابا عسيرا عن عمله كيف أداه. كل هذا على أمل أن تُقطع تلك المسافة الإدارية ويَصل الطَرفان إلى بعضهما البعض ويدرك كلاهما أنه "إنسان من تراب" في آخر المطاف.

نشر في:
صحيفة الفكر
أخبار الشباب

جريدة صوت شباب الجزائر

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

تطوير : مدونة محترف المال