رمضان في الجزائر
فضّل الله عزوجّل يوم الجمعة عن سائر الأيام, وفضّل ليلة القدر عن سائر الليالي ,وفضّل شهر رمضان عن باقي أشهر السنة ,مِمَا يوحي لنا بعظمة هذا الشهر الفضيل الذي طالما قُرن اسمه بالتوبة والغفران وانفتاح أبواب الجنان. شهرٌ كريم أيامه معدودة وخيراته عديدة فهو شهر الصيام والإنقياد لله عزّوجَل. لكن هل فعلا نُدرك قيمته وفضله ؟ للإجابة على هذا السؤال سنتطرق لبعض المواقف التي نعيشها طيلة أيامِ رمضان: سُئِل إمام مسجد كيف حال المصلين في شهر رمضان؟, فَرَّد قائلا :” تمتلئ المساجد ليلا لصلاة العشاء والتراويح , وفجرا لصلاة الفجر ,لكن لانكاد نرى المصلين في صلاتي الظهر والعصر , إلا ثلة قليلة” ,ثم واصل قائلا:” للأسف لقد جعل الناس ليلهم نهارا وجعلوا نهارهم ليلا في شهرٍ مبارك ,كان من المفروض أن يستغلوا كل لحظة فيه للتعبد ليل نهار .” .
وللإشارة فقط هذا الوضع لاينطبق على مُسلمي الجزائر فحسب, بل هو حالُ مُعظم المُسلمين , إلاَّ من رحم ربك. وفي المرة الثانية, سُئِل صاحب مقهى عن رِبحِ العمل في شهر رمضان مقارنةً بسائر الأشهر فأجاب قائلا: “العمل أكثر ربحا في رمضان, فكثير من الشباب يتوافدون على المقاهي ليلا ويقضون جُلَ وقتهم بين شيشة وقمار حتى الفجر”. وأزيدك عزيزي القارئ من أخبار الضياع في رمضان ، فَبَعد كُلِ هذا التفريط واللهو ,لم يسلم شهر الغفران من التبذير والعصيان ، وهذه بعض المظاهر التي تنتشر كلما حَلّ هذا الشهر الفضيل: -تبذيرٌ بكل مايحمل من معنى , فقد ﻛﺸﻒ مؤخرًا ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻻﺗّﺤﺎﺩ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺨﺒﺎﺯﻳﻦ السيد ‘ﻳﻮﺳﻒ ﻗﻠﻔﺎﻁ’ ﻋﻦ ﺭﻣﻲ 60 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺧﺒﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ، في ظرف أﺳﺒﻮﻉ واحد فقط ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ !! علما أن مادة الخبز هي المادة الأكثر إقبالا من طرف المستهلك الجزائري. والسؤال هل هذا شهر إحسان أم شهر تبذير وإسراف؟ الحكمة مِن أَلمِ الجوع والعطش في رمضان هي الإحساس بالحرمان الذي يعيشه الفقراء والمساكين الذين لايملكون قوت يومهم, لا أن نتسارع بلهفة للإسراف بَدَل التصدق وإدخال الفرحة على الصائم الفقيرـ –
سَبٌ ولعن, تحت راية “غلبه رمضان”, إن الشتم والسب ليسا من صفات المسلم لا في رمضان ولا في سائر الأيام ,فأين الصبر وكظم الغيظ والحِلم وشَدُّ الألسُنِ والتحكم فيها , أليست هاته الصفات هي الهدف من الصوم أصلا وهذا بالإستناد لما قاله صلى الله عليه وسلم ,حين أخبرنا أن لاحاجة لله في أن نمنع أنفسنا من الأكل والشراب إِن لَم نمتنع عن اللغو والنميمة وسوء الحديث. ورغم كلِ هذا إلا أنِّي أحملُ لكم من الأخبارِ ماتسرُ له الأنفس ,فَمعَ إقبال شهرِ رمضان يتسارعُ شُبان الجزائر للبَذلِ والعَطاء والسَهَر على خدمة المعوزين والمحتاجين وعابري السبيل وخيرُ مثالٍ على ذلك الجمعيات الخيرية المنتشرة عبر الوطن التي تُخَصِصُ طيلة شهر رمضان مطاعمَ إفطارٍ لعابري السبيل وكذا الفقراء إضافةً إلى النشاطات الخيرية التي تهدف لجَمعِ وتحصيل قُفة رمضان وبعدها ملابسَ العيد. وبعيدًا عن الجانبَ المادي تَعرفُ المساجدُ الجزائرية جوًّا روحيًا فريدًا يتمثل في صلاة التراويح و الابتهالات والتَضَّرع الجماعي لله عزّ و جَل -ولو أننا ل اننكر أن الخير والعبادة في رمضان واجبً ل ايحتاج ثناء ً, إلا أن التقدير والثناء قَد يُوّلِدُ عزيمةً وهمةً لدى شَبابنا ليُضّاعِفوا من عَطائهم ويُسارعوا لفِعل الخيرات. وعلينا أن ندرك معاً أنَ النقطة الأهم أيضا هي: كيف نتفادى السلبيات والعادات السيئة التي تنتشر بإقبال هذا الشهر الفضيل؟ والحَلُ لن يكون إلا إذا تعمقنا في فَهمِنا لشهر رمضان. والإدراك كل الإدراك أَنَ الضرورة اليوم تَقتَضِي وبإِلحاح أن نعود عودةَ الغريب لأهله بتعطشٍ لقراءة ما جاء في سيرة الصحابة الأولين والأخيار مع رمضان , كأمثال عثمان ابن عفان وأبو الدرداء رضوان الله عليهم.
نشر في:
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق